Wednesday, November 28, 2007

حار جاف صيفا دفيء ممطر شتاء

بين بيتي وبيت جاري الأستاذ فيظي متر واحد

لذلك فإن الأستاذ فيظي وأسرته المكونه من أربعة أطفال وزوجه، عمليا يعيشون معي

فأنا مثلا - وهذا على سبيل المثال لا الحصر- أضطر أن احترم مواعيد نومهم واستيقاظهم، حيث يجب أن اطفئ النور في مواعيد نوم الأطفال، ولا يمكن أن أنام قبلهم بسبب أنني لا أستطيع النوم في النور الموقد عندهم

كما أنني أدين في معظم ثقافتي الإذاعيه إلى إذاعة صوت أمريكا التي يسمعها الأستاذ فيظي في جميع أوقات النهار، باستثناء الدقائق التي يحلق فيها ذقنه في الصباح فتكون الشرق الأوسط حتى يسمع يا صباح الخير ياللي معانا

خذ عندك أيضا يوم ان نبهتني زوجته مدام أم أيمن أنني تركت الرز على النار فتره طويله، وأنه يستحسن أن أضيف بعض الماء لأنه بدأ يشيط.. نعم، هي ترى البوتاجاز من عندها وتشم الرائحه أيضا، ثم تترك شباك المطبخ وتتجه إلى شباك حجرة النوم لكي تخبرني ذلك وانا أشاهد التليفزيون، ناسيا ارزي على بوتاجازي


ولا تعد المرات التي اكون جالسا امام شاشة الكومبيوتر وانظر خلفي فأجد العفاريت الصغار - ربنا يحفظهم - يشاهدون معي ما أشاهده من شباك بيتهم، ويعرفون معي اخبار البورصه وكرة القدم من الانترنت


وفي عيد ميلادي الخامس والعشرين قررت أنني مللت


اكتشفت ان عائلة الأستاذ فيظي أصبحت تؤثر في حياتي - سلبا وايجابا - تأثيرا ملموسا، واكتشفت ايضا أني لم اعد استخدم الراديو أبدا لأسمع عليه ما أريد من إذاعات وأنني أعتمد اعتمادا كليا على راديو الأستاذ فيظي

كما اكتشفت انني لا اهتم بالنظر في المرآه وانا خارج، بقدر ما أهتم برأي زينب - الابنه الكبرى للأستاذ فيظي - وهي تنظر من شباكها لتتأكد ان كرافتتي في منتصف رقبتي أم لا، وتعلن رأيها بمصمصة الشفاه اذا لم تعجبها

كما اكتشفت، وكانت الطامة الكبرى، انني توقفت دون أن ادري عن الغناء في الحمام، لأني فقدت دون ان ادري أيضا كل احساسي بالخصوصيه


وشهد عامي الخامس والعشرين رحيلي من البيت، ومن المنطقه ومن القاهره كلها، حملت عفشي وحياتي في صره وذهبت إلى الصحراء

بنيت بيتا في وسط الخلاء، وبدأت فيه حياة جديده

استمتعت بالهدوء في كل دقيقه من دقائق النهار، وانطلق الراديو مجلجلا باذاعة لندن، والتليفزيون بقناة ميلودي التي لا يصح أن يشاهدها الأطفال، خصوصا الاطفال الذين يسكنون بيتا اخر


وفي عيد ميلادي الخامس الثلاثين امتلأت بالوحده


اشتريت تورته ووضعت فيها شمعه، وأشعلتها وجلست اشاهدها تسيل فوق التورته ببطء، وأسمع من إذاعة لندن اليوم عاد كأن شيئا لم يكن


وتذكرت الأستاذ فيظي وأم أيمن وعيالهم


ودق الباب، لأول مره منذ ان سكنت الصحراء، وفتحت لأجد الأستاذ فيظي وأسرته كلها، يحملون حياتهم وعفشهم في صره مشابهه لصرتي ويبتسمون كلهم


واحتضنت الأستاذ فيظي بكل قوه، وسالت دمعه مني على كتف قميصه، ورأيت ام أيمن والأولاد ينهمرون في البكاء من تأثير المشهد


وبنى الأستاذ فيظي بيتا على مسافة نصف متر من بيتي


ومن يومها وكل من يعبر في الخلاء يتعجب من بيتين ضاقت عليهما الأرض بما رحبت، وتزاحما في وسع الصحراء

3 comments:

monamahfouz said...

عجبتنى أوى
:)

walaaz said...

جميل :)

بجد

zoof said...

العشرة متهونش غير على ولاد الحرام .. :)

مثل افتكرته وانا بقرا