Sunday, September 23, 2007

رجل الشركة

احدثكم اليوم عن شخصيه زلوميه من الطراز الاول، وهي شخصية رجل الشركه او company man . هذا التعبير يستخدم بكثره في مجال البترول. حيث يكون هناك رجل الشركه وهو المعين في الشركه التي في الغالب ما تكون شركة بترول اجنبيه، وهناك عمال من الباطن او بعقود وهم غير المعينين بالشركه او معينين في شركه مصريه تعمل مع الشركه الاجنبيه. وفي مجال البترول رجل الشركه يقبض اموالا كثيره بشكل مبالغ فيه، عادة لا تتناسب مع حجم مسئولياته او حتي مع حجم معرفته او عمله. احدي حقائق الحياه المره ان مرتبك يعتمد بالدرجه الاولي علي الصناعه التي تعمل فيها لا علي حجم عملك الحقيقي. ولا علي حجم اضافتك. فإذا كنت مدرسا – محترما يعني – فأنت في الغالب تقبض من عشره الي عشرين مره اقل من زميلك في البترول، ليس لأنك تعمل أقل منه، ولكن لأن عملك لا يدِر اموالا في حين ان عمل مهندس البترول يدِر اموالا طائله، فيجب ان ينوله من الحب جانب، ولأن اموال البترول طائله، فإن هذا الجانب عادة ما يكون مبالغ فيه. هذا إذا كنت تعمل في شركه اجنبيه، أما اذا كنت تعمل في شركه مصريه او شركه من الباطن فأنت – يا حرام – غلبان اوي. أغلب من الغُلب. ذلك انك تعمل عمل مضني طوال الاسبوع مضني بكل ما تحمله الكلمه من معني، وتعمل بعيد عن اهلك في الصحراء او في البحر، وفي اوضاع عمل متعبه للغايه، وفي النهايه تقبض ملاليم هذا بالرغم من انك تعمل في صناعة تدر اموالا طائله. وياليت هذا فقط، ولكنك ايضا غالبا ما تضطر للعمل مع احد رجال الشركه موضوع حديثنا اليوم.
اتعسني الحظ في وقت من حياتي ان اعمل في شركة بترول اجنبيه في مصر. وكان زملاؤنا في العمل من شركة البترول المصريه الشريكه يجلسون بجوارنا ويعملون معنا، كنا نذهب للشركه في نفس الوقت ونعود في نفس الوقت تقريبا، نأخذ نفس الاجازات، ونحضر نفس الاجتماعات. لكنني كنت في نهاية كل شهر اقبض – وانا خريج نفس العام – مثلما يقبض مدير قطاع في الشركه المصريه.
كان موظفي الشركه المصريه يشيرون الينا اننا رجال الشركه. وعندما نذهب للموقع، عادة لا نقابل بترحاب اطلاقا، في الموقع يكون العمل متعبا اكثر، وينام موظفي الشركه المصريه في اماكن اشبه بالعنابر بينما ننام نحن – رجالات الشركه – في فلل.
عندما ذهبت لأول موقع كانت الحماسه تملأني، وكنت احاول – كأي خريج جديد – ان اهد الدنيا. كان منوط بي عمل معين كلفني به احد مديريني من الاجانب، وكان لابد علي ان اثبت كفاءتي، فقمت بكل ما استطيع ان افعله، زرت كل مكان في الموقع واخدت البيانات وسألت كل الموظفين والعمال، وكنت حزينا لأن احد لم يساعدني كما يجب، كان اي موقع ليس به رجل من الشركه مثل الميغه، لا تعرف تكلم احد ولا احد يرد عليك ولا يوجد مسئول. عدت الي القاهره وانا مقتنع اني انا رجل الشركه، وانهم ... ليسوا رجال الشركه.
وشيئا فشيئا فهمت ما يعنون برجل الشركه، انا لدي كل الاسباب التي تجعلني متحمسا. شاب في مقتبل العمر، يقبض اموالا طائله، امامه مستقبل زاهر، يعمل في شركه محترمه، والشركه تقدره وتقدر شغله، وتوفر له كل سبل الراحه، والمستقبل المضمون، لماذا لا يتحمس، لماذا لا يهد الدنيا.
هذا هو رجل الشركه يا اعزائي، انه شخص لديه كل اسباب الحماس، إنه ليس اذكي ولا امهر ولا اخلص للعمل. انه فقط لديه كل الدوافع التي تدفعه للذكاء والمهاره والاخلاص والحماس. وهو لا يفهم لماذا لا يتحمس كل من حوله بنفس حماسته. انه يعتقد ان الحماس والاجتهاد والاخلاص كلها صفات مطبوعه فيه، وفي تكوينه، وان من حوله ليس في مثل اجتهاده ولا اخلاصه للعمل، ليس لديهم نفس الطموح... في حين ان من حوله يعرفون فقط انه رجل الشركه، ويودون ان يقولوا له غور بزلومتك ده.
#######################
تراحيل - يحيي غنام

No comments: