Tuesday, October 2, 2007

يساءُ إلينا.. ثم نُؤمَرُ بالشُكرِ

ففي حين ينظر العلم إلي جميع الحقائق- عدا طرائق الإثبات والتحقيق المنطقية - علي أنها قابلة للتمحيص والجدال والتصحيح، من النادر أن يصبر مسلم علي الاستماع إلي وجهة نظر دينية من مسلم آخر يخالفه، وأن يعرض قضيته عرضاً موضوعياً نقدياً.. فالقول برأي مخالف هو في مجال الدين تحد وإهانة، وهو في العلم مطلوب ومرحب به، بل يزيد من لذة البحث، والأبحاث الجديدة والبدع في ميدان العلم تشعل الحماس، وتلهب الخاطر، ويحاط المبتدعون فيه بكل مظاهر التبجيل والامتنان.. أما في مجال الدين فالناس علي استعداد لأن يحرق بعضهم بعضاً، بل أن يحرقوا هم أنفسهم، بسبب الخلاف حول أي القدمين ينبغي أن نبدأ بها عند دخول الحمام!
ليست بالعلم حاجة إلي شن حملات صليبية لإبادة غير المصدقين للنتائج التي توصل إليها، بل هو علي استعداد كامل لهجر تلك النتائج إلي غيرها متي ثبت تناقضها مع مقتضيات المنطق ولا يعرف التزاماً غير الالتزام تجاه كل ما في الكون بحب استطلاع محايد.. العلماء يعرفون الحرقة والعاطفة القوية، ولكن تجاه الحقيقة وسبل البحث عنها.. وغيرهم لا يعرف غير حرقة التعلق بالآراء الموروثة والمعتقدات البالية، وحرقة تكفير من ناقشها مناقشة موضوعية نقدية، ولا يحسنون غير صياغة آرائهم في صورة دعاوي مطلقة، لا تعرف تعابير مثل: «فالأرجح أن يكون»، أو «والغالب في اعتقادي»، أو «والأقرب إلي المنطق»، إلي آخره.
___________
من مقال حسين احمد امين "المصري اليوم ٢/١٠/٢٠٠٧"
###############################

No comments: